الغث من القول
أتذكر راجفًا القصة التي حكاها لي أحد المصريين عن صديق له، ذهب إلى بيروت للهو في أعوام الحرب الأهلية المنحوسة. ركب سيارة نقل عام فكان...
أتذكر راجفًا القصة التي حكاها لي أحد المصريين عن صديق له، ذهب إلى بيروت للهو في أعوام الحرب الأهلية المنحوسة. ركب سيارة نقل عام فكان من حظه الأسود أن استوقفتها في شارع جانبي مجموعة من الشباب الملثمين المدججين بالسلاح .. راحوا ينزلون ركاب السيارة واحدًا واحدًا فيسألونه عن ديانته ويفحصون أوراقه، والمشكلة هي أن باقي ركاب السيارة لا يعرفون الإجابة .. هذا يتركونه ينصرف، وهذا يأخذونه على جنب إلى جوار الجدار فيذبحونه بالسونكي كالدجاجة .. كان هذا كمين (إعدام حسب الهوية) من الكمائن التي انتشرت في لبنان وقتها. قل لي بربك ما هي الإجابة الصحيحة ؟.. ما هي الإجابة الصحيحة ؟.. بسرعة !.. هل الصواب أن تكون مسلمًا في هذه اللحظات أم مسيحيًا ؟.. لم يعرف صاحبنا الإجابة قط لأن دوره جاء .. وعندما وقف وسط الجثث المذبوحة لمن سبقوه، وعندما طلبوا منه أوراقه ظهرت دورية من الشرطة؛ ففر المعتدون ونجا بمعجزة شبه سينمائية.. عاد المصري على الفور إلى وطنه، ويحكي صديقي أنه ظل أعوامًا يجلس في غرفة خافتة الإضاءة يحملق في الجدار ولا يتكلم .. لقد احترق جهازه العصبي ولا تثريب عليه